فلسطينيون هم..!! طه العامري


أقوي من الطغاة كانوا ولا يزالون وسوف يستمرون.. يقاومون الاقتلاع بالتجذر كأشجار الزيتون، يتجاوزون أفخاخ التاريخ ويتمسكون بهويتهم، بالأرض يتشبثون، بالزيتون، والزعتر، وأوراق الكروم، كأعواد الخيرزان يتمايلون أمام العواصف مهما كانت شدة رياحها، ينحنون، لكن لا ينكسرون، يسقطون شهداء فيتحولون الي بذور لأرض تنبت بالمقاومين، يرحل الأباء فيتمنطق الأبناء بنادقهم التي يجيدون فن أستخدامها وبمهارة عالية، ليس هناك أكثر من الفلسطيني من يجيد فن التعامل مع السلاح والبارود، بل يكاد أن يكون  الفلسطيني والبارود والبندقية رفاق حياة ورحلة ومصير..!

هذا الفلسطيني الذي تناغم مع الأرض والجغرافية والطبيعية، كما تناغم مع مواقف الأخرين أشقاء كانوا أو أصدقاء، تناغم مع مواقف ورؤية العالم لقضيته، تغاضي عن خيانة الخونة، ولم يتوقف أمام سمسرة العملاء، بل ذهب يبحث عن ذاته في جغرافية وطنه فلسطين..!
رفض فكرة وصفه ب ( اللاجيء)  الباحث عن ( معونة)  إنسانية من الخيمة الأممية، ورفض هوية اللاجيء الباحث عن ملاذ أو عن ( مخيم)  يستوعب آهاته حتي يدبروا له ملاذا للعيش..!
رفض فكرة الوطن البديل، ورفض بطاقة مقيم في بلدان الشتات..!!
رفض إغراءات الهجرة والتهجير، كما رفض التسليم لمنطق القوة وسياسة الأمر الواقع. تمرد علي الوصاية الأخوية لأنظمة أتخذت من مآساته ورقة لتسوية أوضاعها في جدارية النظام الدولي الذي تأسس علي أنقاض حلمه بالحرية والاستقلال والدولة، خرج يلملم جراحاته النازفة من تحت ركام الخديعة البريطانية وحبر وعد ( بلفور) ومؤامرة( سايكس _ بيكو)  ولعنة التخاذل العربي والتواطؤ الإسلامي..!
بإرادة مجبولة بكل قيم الإيمان برسالة السماء وبعزيمة ذاتية مسكونة بحب الأرض والرغبة في إسترداد الحق المتأمر عليه، أنتفض هذا العربي الفلسطيني كمارد أنطلق من ( قمقم)  بعد أن حطم اغلال الوصاية وفكرة الاحتوي والتوظيف السياسي للقضية بإنسانها وجغرافيتها وحقوقها التاريخية في الوطن والمقدسات.
ففي فلسطين كانت ( البداية حجر) ثم ( الكلمة)  ثم ( الموآل، والأغنية)  ترافقهما نغمات الإيقاع المتلهف للحرية الذي يزرع في وجدان المتلقي شعورا بالحق والذات والهوية وشرعية الأنتماء لجغرافية أنتزعت عنوة من أصحابها لتمنح لشذاذ الأفاق من لقطاء أوروبا حراس ( الهيكل)  وقراصنة الأستعمار الجديد القادم هذه المرة ليس تحت ( راية الصليب) بل تحت راية ما يسمي بالأمم المتحدة وبرعاية بوارج ومدمرات الولايات المتحدة..؟!
منذ بداية القرن الماضي بدأت رحلة هذا العربي الفلسطيني مع قضيته، التي قيل عنها في منتصف القرن الماضي إنها أنتهت بميلاد كيان لقيط قيل عن فلسطين إنها ( أرض بلاء شعب وقد منحت لشعب بلاء أرض)  ؟!
كان هذا المنطق الاستعماري البغيض، الذي رسمت معالمه إمبراطورية القهر بريطانيا وتبنته إمبراطورية الشر الأمريكية وساندتها بقية المنظومة الاستعمارية فرنسا، ألمانيا،  ايطاليا، وتكورت حتي الاختفاء في مغارة الذل والأرتهان أنظمة عربية واسلامية، ثم ومن باب رفع العتب نادت هذه الأنظمة بالحرب قائدها كان أحد رموز الاستعمار وصناع النكبة..؟!
لم يُسلم هذا الفلسطيني ولم يستسلم، بل ذهب يشق طريقه نحو الحرية متسلحا باغصان الزيتون وعروق الزعتر والكروم..!
تجتر فلسطين اليوم ملاحم التاريخ وأساطيره، كما تجتر محطات الخيانة من ( أبو رغال)  الي ( أبن العلقمي)  وربما يكون خونة اللحظة أكثر قبحا وبشاعة وانحطاط.. ولكن يبقي الفلسطيني هو محور الأحداث وإليه تتجه الأنظار فهو البطل _  الضحية، وهو الفاعل والرقم الصعب في معادلة صراع غير متكافي..؟!
من معركة الكرامة وحتي معركة الطوفان يزداد هذا الفلسطيني شموخا وعنفوان، وتزداد أقدامه رسوخا وثباتا في أرض الأنبياء والمسري والصخرة والأقصي وكنيسة المهد والقيامة وأرض الحواربين الذين هم اليوم ( القسام، والسرايا، والأقصي، وأبو علي مصطفي)  هولاء هم حواريوا فلسطين الذين تنقل نضالهم اليومي من الكلمة واللحن والدبكة وإيقاعاتها ومواويلها الي سجل أنا عربي، ولا تصالح، ويا ضريف الطول، الي الحجارة، والسكين والساطور والمقلاع، وصولا للصواريخ والقذائف والياسين 105..؟!
من الكرامة حتي الطوفان قصة رحيل مجبولة بكل أيات القهر والنضال والدم والدموع والعرق، من أجل فلسطين التي كانت وسوف تبقي فلسطين وطنا لشعبها العربي بمسلميه ومسيحيه ولن يكون فيه ملاذا أمنا لشذاذ الأفاق وأن أصطفت الدنياء بأسرها لنصرتهم فالحق فوق القوة.. وليس هناء أقوي من هذا الفلسطيني الذي يقاوم المخرز بعيونه وبدمه يصنع ملاحم الأنتصار.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشيخ القبلي أمين البرعي*

في لقاء خاص مع شركة VIVO بحضور المدير التنفيذي للشركة في اليمن الاستاذ اللوزي علي قايد اللوزي

التويتي بطل من اليمن يكتب تاريخاً جديداً للملاكمة العالمية"في امريكا ويرفع علم اليمن

السقاف يتفقد الخدمات الطبية بجمع الجراف الطبي بمديرية الثورة

الأمن والمخابرات بمديرية ذي السفال يحتفي بالمولد النبوي الشريف في أمسية ثقافية حافلة

السقاف وإدريس يتفقدان حملة المسالخ للرقابة على محلات بيع اللحوم والمطاعم