عن زمان الانهيار العربي..؟! طه العامري..


هو زمان الخيانات والخونة، وزمان الإرتهان والتبعية، وهو زمان الانحطاط السلوكي والاخلاقي والقيمي، زمان ليس فيه عيب، ولا عار، ولا خجل، زمان كلمن أيدوا له، زمان تباع فيه الكرامة في أسواق النخاسة، ويباع فيه الشرف في غرف فندقية (فئة خمسة نجوم)، فيما السيادة ليس لها أثر في قواميس الأنظمة والنخب وحتي لدي غالبية العامة من المستضعفين الذين أنهمكوا في حياتهم اليومية بحثا عن لقمة عيش وأن كانت مغمسة بالذل..؟!
نحن في عصر طغت فيه (القيم المادية) عن كل القيم الأخري سوا كانت روحية أو أخلاقية.. أنتصرت القيم المادية عن كل القيم المثالية لأنها أعتمدت كوسيلة استراتيجية لتمييع أخلاقيات الشعوب والمجتمعات وجعلها أسيرة ( للمادة)  كغاية وهدف وحلم يسعي الجميع ومن مختلف الشرائح والطبقات للتناغم معها مهما كان الثمن المطلوب دفعه في سبيل تحقيق هذه القيمة التي طغت وأنتشرت في الوعي الجمعي العربي _الاسلامي، وأصبحت هذه القيمة هي محط أنظار الجميع وغاية يسعي إليها الكل متنازلين ومتخليين عن كل القيم النبيلة التي تحتضن  في  أدبياتها مظاهر الشرف والرجولة والكرامة والسيادة والاعتزاز بالهوية والأنتماء..!!
نحن نعيش فعلا في زمان الانهيار القيمي الكلي، زمان لا تردعنا فيه القيم الدينية والروحية، ولا القيم الحضارية والاخلاقية ولا قيم الهوية والأنتماء وليس للشهامة والرجولة والنخوة وأخلاقيات النبلاء وفرسان العصور الوسطي مكانا في الوعي الجمعي لأهل هذا الزمان الذي يمكن أن يوصف تاريخيا وبعد قرون ربما بأنه أسوى أزمنة التاريخ الإنساني..!!
في تراثنا نقراء عن يوم فتح مكة علي أيدي رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم الذي عاد إليها بعد أن حورب من قبل أهلها وهاجر منها سرا كما هاجر منها أتباعه هروبا من ظلم وطغيان قريش التي ناصبة الرسول الكريم العداء وخاضت الحروب ضده وحرضت عليه وعلي أتباعه قبائل الشرق والغرب، ولكنه وهو من أرسل رحمة للعالمين، عاد إليها منتصرا علي رأس جيش جرار من المسلمين الأشداء وكانوا قوة لا تقهر، لكن الرسول العظيم لم يعود لينتقم ممن حاربوه وقتلوا وعزروا بأحب وأقرب الناس إليه، ولكنه عاد ليعلمنا ويعلم خصومه والعالم مكارم الاخلاق،  عاد وأول ما كرم كرم خصومه وأعدائه وأعطاهم مكانة تليق بمن تأخذه العزة بالأثم..؟!
وذات يوم قيل أن( سيدة مسلمة) تعرضت لإهانة ( فارس رومي)  وكانت( ترعي غنمها) فهتفت بأعلي صوتها ( وااامعتصماه)  فسمعها بعض الرحالة وما أن وصلوا الي عاصمة الخليفة المعتصم حتي سارعوا إليه وابلاغه بالواقعة فبعث رسله من ساعته الي قيصر الروم مهددا ومتوعدا بحرب لا تبقي ولا تذر، ولم ينتظر طويلا حتي سارع اليه كبار قادة روما معتذرين للمرأة المسلمة وللخليفة ولعامة المسلمين في دولة الخلافة..!
كثيرة هي الوقائع والأحداث التي تحفل بها أمهات الكتب التاريخية تحكي لنا عن قصص وأساطير مكارم الاخلاق والعزة بالهوية والسيادة والكرامة والأنتماء، وهي قيم لم تعد لها مكانا في قوامسنا في زمان طغيان القيم المادية، زمان فيه المثقف تاجر، والطبيب تاجر، وعالم الدين تاجر، والمربي تاجر، والاستاذ تاجر، والمسؤل تاجر، والقائد تاجر،  والحاكم بدوره يتأجر بكل هولاء والوطن..؟!
نعم نحن في زمان تباع فيه القيم والمبادئي والدين والاخلاقيات والمواقف والأوطان، وكل شيء في زماننا قابل للبيع المهم كم يدفع المشتري، في زماننا هذا وصل فيه الطغيان المادي مرحلة تباع فيها ( فلذات الأكباد)  لمن يدفع أكثر، زمان كل شيء فيه له سعر وله ثمن، حتي الأعضاء البشرية تباع ويمكن لأي إنسان أن يبيع أو يتنازل  عن عضوا من أعضاء جسده مقابل المال ولمن يدفع أكثر، زمان تباع فيه الوظائف وتشتري فيه المناصب، بل حتي الأحكام القضائية تباع، ويشتري منها الظالم ما يحلوا له علي حساب أزدياد المظلومين..؟
الأوطان تباع أيظا بما فيها من ثروات في باطنها وبشر يتحركون فوقها، بشر أصبحوا بمثابة ( عبيدا للمادة)  أكثر ألف مرة من ( عبوديتهم لخالقهم)  ..؟!
فلسطين باعها العرب والمسلمين والعدو الذي استباح حياة مواطنيها اليوم ليس سوى مشتري ونخاس محتل يرتكب أبشع الجرائم ولا أحد يجرؤ أن يعترضه، لأن الكل قبض الثمن إما نقدا من أمريكا والغرب أو بصورة مساعدات وحماية لأن كل حكام الأمة نصبتهم أمريكا وأتخذتهم ( عبيدا لها)  يتلقون أوامرها وينفذون توجيهاتها بعد أن جردتهم من شرفهم وكرامتهم وسيادتهم ورجولتهم وقيمهم وزرعت في وجدانهم قيم ( مادية)  وكل شيء عندهم أصبح بثمن حتي الشرف والكرامة والسيادة..؟!
إننا بأختصار أصبحنا عبيدا للمادة والمادة هي من تمنحنا الوجاهة والمكانة الاجتماعية والنفوذ وحتي السلطة، وأنهمكنا في عبادة المادة ونسينا كل قيمنا وحتي ديننا حولناه الي مجرد طقوس للتباهي والتظاهر لكسب المزيد من المال..؟!
للموضوع صلة
26 ديسمبر 2023م


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشيخ القبلي أمين البرعي*

في لقاء خاص مع شركة VIVO بحضور المدير التنفيذي للشركة في اليمن الاستاذ اللوزي علي قايد اللوزي

التويتي بطل من اليمن يكتب تاريخاً جديداً للملاكمة العالمية"في امريكا ويرفع علم اليمن

السقاف يتفقد الخدمات الطبية بجمع الجراف الطبي بمديرية الثورة

الأمن والمخابرات بمديرية ذي السفال يحتفي بالمولد النبوي الشريف في أمسية ثقافية حافلة

السقاف وإدريس يتفقدان حملة المسالخ للرقابة على محلات بيع اللحوم والمطاعم