هل حقق العدوان الصهيوني أهدافه..؟! طه العامري..
المسار برس - خاص
بعد كل هذه المذابح والمجازر بحق الأطفال والنساء والشيوخ، وبعد كل هذا الدمار والتوحش والهمجية التي مارسها الجيش الصهيوني ضد مواطني قطاع غزة، هل حقق الصهاينة أهدافهم أو بعضا منها بعد قرابة ثلاثة أشهر من حرب تدميرية أجمع كل الخبراء والمحللين أن دمار غزة ربما يفوق دمار المدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية، وأن الضحايا من النساء والأطفال يفوق بعشرين ضعف ما خلفته الحرب الروسية _الأوكرانية خلال عامين..؟!
خلال الثلاثة الأشهر من العدوان المسنود بدعم أمريكي _غربي وبصمت عربي _إسلامي خضوعا لضغوطات أمريكا والدول الغربية، لم يحصد الكيان والته العسكرية المدمرة سوي المزيد من الهزائم والنكسات والفشل والإخفاق، في عدوان لم يتمكن خلاله الكيان من أستعادة هيبة الردع وتحسين صورته التي فقدها في 7 أكتوبر الماضي علي يد أبطال المقاومة، بل أستنزف الكيان المزيد من صورته أمام الرأي العام الدولي بما في ذلك حلفائه أمريكا والغرب الذين هرعوا لنجدته باساطيلهم وبوارجهم وبجسورهم الجوية والبحرية التي نقلت للكيان كل أدوات الموت والدمار، ورغم كل هذا الدعم والإسناد للكيان إلا أن الفشل لا يزل يلاحقه والهزائم، إذ لم يفلح في تحقيق أيا من بنك أهدافه التي أعلنها في أول أيام عدوانه، في المقابل تحقق المقاومة أنتصارات عسكرية وأستخبارية وسياسية واعلامية واخلاقية وحضارية، مقابل تواصل خسارة العدو الذي فقد قدرته الردعية وفقد سمعته الإقليمية والدولية وحتي صورته أمام حلفائه وداعميه الذين اصطفوا الي جانبه وشاركوه في عدوانه ومنحوه الغطاء السياسي والدبلوماسي والمادي والعسكري والاعلامي ورددوا كل مزاعمه ليسقط الاعلام الغربي والأمريكي وتسقط منظومة القيم الغربية _الأمريكية إكراما لهذا الكيان الذي سقطت كل أساطيره وقصصه وحكايته وبدأ مجردا من كل ما يستر عورته التي دفعت شعوب العالم للخروج الي شوارع المدن تنديدا بجرائم العدو ومن يسانده بما فيهم الإدارة الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية والايطالية، وأحدثت جرائم الاحتلال إنشقاق بين هذه الأنظمة وناخبيها، فيما النظام الدولي بكل مؤسساته وقوانينه ونظمه وتشريعاته سقط بدوره وأخفق في القيام بدوره لأن الطرف المعني هو الكيان الصهيوني فيما الطرف الأخر هو الشعب الفلسطيني الذي يكتوي بسياط قهر النظام الدولي منذ 75 عاما وليس من يوم 7 أكتوبر المنصرم..؟!
أن ما يسوقه الناطق بأسم جيش الكيان، وما يردده رئيس وزرائه ووزير دفاعه ومجلس حربهم عن أنتصارات وهمية ليس أكثر من ( أبر مورفين) يخدرون بها الرأي العام الصهيوني، ويبحثون عن أي أنتصار ولو كان عبارة عن مزيدا من المجازر بحق الأطفال والنساء والشيوخ، وأعتقال العامة من أبناء القطاع لينكلوا بهم أمام عدساتهم فيهم الأطفال والشيوخ والنساء في واحدة من أكثر مظاهر الانحطاط بشاعة وقبح وإهانة للجيش الذي يعتمد هذه السلوكيات الهمجية فقط لتعويض عقدة الشعور بالهزيمة والانكسار..؟!
لقد أسقطت المقاومة في غزة أساطير الكيان وقيمه، كما أسقطت قيم وأخلاقيات النظام الدولي الذي ترعاه أمريكا والغرب، كما فضحت عمالة وارتهان وخيانة النظام العربي الذي بدأ وكأنه مجرد عميل مرتهن، سيادته وقراره بيد واشنطن ولندن وباريس والكيان الصهيوني وإلا ماذا نفسر تصريح وزير خارجية أكبر دولة عربية حين قال إن الكيان لا يسمح بادخال المساعدات الغذائية للقطاع، وأن الجرحي لا يمكن استقبالهم الا بموافقة جيش العدو وأن ما يدخل من مساعدات لابد أن يسمح بدخولها جيش العدو..؟!
صحيح أن العدوان الصهيوني فضح المنظومة الأخلاقية الغربية، وصحيح أن هذا العدوان كشف عن بشاعة وقبح النظام الدولي الذي تحكمه وتتحكم به واشنطن وبقية دول الترويكا الأوروبية التابعة لها، غير إن هذا العدوان أسقط ايضا أخر أوراق التوت التي كان النظام العربي يستر بها عوراته، أمام الجماهير العربية التي وأن كانت عاجزة في التعبير عن مشاعرها وقناعتها خوفا من غضب وبطش هذه الأنظمة المتسلطة عليه، إلا إنه ومن خلال هذا العدوان والمذابح الإجرامية التي يقوم بها العدو بالتواطوء مع هذه الأنظمة التي ليست عاجزة ولكنها متواطئة مع العدو بصورة أو بأخري..؟!
لأن الضغط الأمريكي لا يمكن أن يصل بهذه الأنظمة حد عجزها عن إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع وهي التي لم تتخاذل في الهرولة بمساعداتها نحو أوكرانيا بطلب أمريكي _غربي، مقابل عدم اجبارها علي أتخاذ موقف ضد روسيا، وكان يمكن أن تقوم بهذا الموقف تجاه الأشقاء في فلسطين طالما وهي لم تتخذ موقف من العدو والعدوان يرتقي لمستوي وحجم الجرائم المرتكبة في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس بحق أبناء فلسطين.
كان يمكن أن يكون للعرب موقف وللمسلمين ايضا يرتقي لمستوي البطولات الأسطورية التي أبدتها وتبديها المقاومة الباسلة في فلسطين التي أذهلت العدو وأذهلت أنظمة الصمت والذل والتخاذل والتأمر ايضا، وأذهلت أمريكا والغرب برمته، رغم المجازر التي تعد وصمة عار في جبين العدو وأمريكا والغرب والنظام الدولي برمته.
أن أيام وأسابيع وأشهر العدوان لم يجني خلالها العدو وحلفائه وأنصاره سوي المزيد من الهزائم والاخفاقات والنكسات، وتداعيات انهزامية داخلية أصابت الكيان وأجهزته ومؤسساته الأمنية والعسكرية ونخبه السياسية، حتي ظهرة حكومة الكيان بصورة المغامر في قطاع غزة والمراهن علي المجهول في تحقيق أهداف أعلنها بداية عدوانه وأتضح استحالة تحقيقها واقعيا.
27 ديسمبر 2023م
تعليقات
إرسال تعليق