أمريكا ودبلوماسية الكذب والخداع..؟!طه العامري..
تتبني واشنطن مع العالم دبلوماسية الكذب والخداع وتسخر لهذه الدبلوماسية ماكينة إعلامية جبارة تعمل على مدار الساعة دون توقف يعمل فيها الآف من الاعلامين والمفكرين والمثقفين والفلاسفة، ينتمون لجميع شعوب العالم تقريبا ويتحدثون بكل اللغات الإنسانية الحية، مهمتهم تنحصر في تسويق أكاذيب أمريكا ومنحها صبغة المصداقية وتظهر الخداع وكأنها حقائق، نشاط يطال مختلف الجوانب الحياتية والحضارية والقضايا الدولية التي تعمل أمريكا على تطويعها خدمة لمصالحها الجيوسياسية ولمصالح الحليف الوحيد والأؤحد لها على خارطة الكون وهو (الكيان الصهيوني)،هذا الكيان هو الحليف الوحيد لأمريكا رغم حلفائها الكثر على خارطة الكون غير إنها لا ترى فيهم أكثر من حلفاء تكتيكيين تسخرهم لخدمة كيانها اللقيط في المنطقة و ليس لأحدهم مكانة في حساباتها واهتمامها الاستراتيجي كما هو الحال مع (الكيان الصهيوني) الذي يستمد أهميته في إستراتيجية أمريكا من أهمية المنطقة التي زرع فيها هذا الكيان وهي الوطن العربي الذي يحتل موقعا استراتيجيا على الجغرافية الكونية وإضافة الي ما يمتلك الوطن العربي من ثروات ومؤاد خام، فإنه أيضا يتحكم بالممرات البحرية وبطرق التجارة الدولية، إضافة الا ما لدى هذا النطاق الجغرافي من مخزون إستراتيجي روحي حيث يعد مهبط الديانات السماوية وهو مصدر الطاقات الروحيه وبالتالي فأن وجود هذه المقومات المادية والمعنوية والروحية والتراكم الحضاري الروحي، كل هذه المقومات كانت وراء زرع الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي خوفا من امتلاك هذا النطاق الجغرافي لسيادته وقراره والتحكم بثرواته، لأن هذا ان حدث فإنه كفيلا بجعل الوطن العربي يتحكم بالعالم وبقدراته ومصيره وهذا ما ادركته القوى الاستعمارية مع بدء انطلاق فجر اليقضة القومية بعد تراجع دولة الخلافة العثمانية في بداية القرن المنصرم والذي برزت على إثر هذا التراجع المخططات الاستعمارية بدءا من إتفاق دول أوروبا في مطلع القرن الماضي برعاية بريطانيا على إيقاف الصراعات البينية فيما بينها، والتفكير بمصادر الطاقة والمؤاد الخام التي تحتاجها دول الغرب وامريكا والتي لا توجد في أوروبا، فيما الموجود منها في أمريكا قد لا يفي باحتياجات المصانع الأوروبية _الأمريكية وكان لابد من زراعة الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي بعد أن تعمدت العواصم الاستعمارية على قطع الطريق أمام فكرة قيام الدولة العربية الواحدة التي كان الحديث عنها يتبلور لتحل محل الدولة العثمانية، ولكي تفشل فكرة أو مشروع الدولة العربية الواحدة عملت العواصم الاستعمارية وفي المقدمة منها بريطانيا على تأسيس أنظمة وظيفية في المنطقة وتنصيب أسر قبلية وعشائرية ارتبطت بالعواصم الاستعمارية، وحدث هذا قبل الاعلان عن قيام الكيان الصهيوني الذي تم الإعلان عنه بعد التأكد من دور هذه الأنظمة الوظيفية في القبول به والعمل على تمكينه، وكانت أمريكا التي قدمت نفسها كدولة الحرية والديمقراطية والمؤمنة بحق الشعوب في تقرير مصيرها وكان هذا الإيمان بمثابة سلاح تدميري بالنسبة للأمة العربية التي وجدت نفسها ممزقة ومقسمة إلى كانتونات (قُطرية) و دويلات عائلية صممها الاستعمار وفقا لاتفاقيات (سايكس _بيكو) التي قطعت طريق الوحدة العربية وإسقطت فكرة الدولة العربية الواحدة، _وقد استثنت تلك الاتفاقية جغرافية الحجاز من التقسيم لثلاث دويلات بمنحها لي آل سعود، مقابل التزام هذا النظام بحماية الكيان والقبول به _الذي عملت على إيجاده، برعاية بريطانية _أمريكية، ليكون بمثابة قاعدة عسكرية استعمارية متقدمة في الوطن العربي، بعد أن وجدت الدول الاستعمارية أن بقائها كقوي استعمارية بصورة مباشرة في الوطن العربي فعل من مستحيل خاصة بعد قيام ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا الاتحادية عام 1917م..؟!
كان وقع الثورة الاشتراكية الروسية قد أحدث إرتباكا في حسابات الدول الاستعمارية، تماما كما أحدثت الثورة الإيرانية عام 1979م ذات الارتباك لدى أنظمة الوطن العربي التي تبنت الفكرة الأمريكية _الصهيونية _الاستعمارية من الثورة الإسلامية الإيرانية واعتبارها مصدر خطر لأنظمة دول المنطقة، تماما كما اعتبرت العواصم الاستعمارية ثورة أكتوبر الاشتراكية مصدر خطر لنفوذها ولمصالحها الاستراتيجية ونفوذها الجيوسياسي..؟!
اعتمدت أمريكا على دبلوماسية الكذب والخداع ليس مع أعدائها والمناهضين لسياستها الاستعمارية في المنطقة، بل حتى مع حلفائها المفترضين من أنظمة المنطقة الموالية لها، ولم تصدق أمريكا يوما مع حلفائها في المنطقة والعالم، بقدر وفائها واخلاصها ومصداقيتها مع حليفها الوحيد على خارطة الكون وهو (الكيان الصهيوني) الذي تحرص أمريكا على تفوقه وديمومته وترسيخ وجوده في جغرافية المنطقة وهي مستعدة لتخوض حربا كونية دفاعا عنه وعن بقائه وعن جرائمه لأنه مصدر استقرار مصالحها التي تنهبها من دول وشعوب المنطقة، بدليل موقفها من جرائمه الغير مسبوقة بحق الشعب العربي الفلسطيني..!
لقد مكن هذا الكيان أمريكا من نهب ثروات العرب والأفارقة والاسيويين، ومكنها من أحكام قبضتها على طرق التجارة الدولية والحفاظ على نفوذها الجيوسياسي في منطقة جغرافية مهمة ومحورية، منطقة من يسيطر عليها وعلى قدراتها يسيطر على العالم بأسره..؟!
وفي كل هذا اعتمدت أمريكا على دبلوماسية الكذب والغدر والخداع وعلى هيمنة القوة ووحشيتها أن تطلب الأمر ذلك..!!
كانت وراء تفجر الحرب العراقية _الإيرانية، وقبلها تفجر الحرب الأفغانية ودفع العرب والمسلمين بكل قدراتهم في تلك الحرب باسم الدفاع عن الإسلام ومواجهة النفوذ الشيوعي وهذا ما سبق أن فشلت به من خلال (حلف بغداد) الذي اسقطه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر _رحمه الله _ والملاحظ أن أمريكا التي وقفت وراء حرب الدفاع عن الإسلام في أفغانستان هي ذاتها التي فجرت الحرب ضد الثورة الإسلامية في إيران..؟!
وهي ذاتها التي اتخذت من أحداث 11 أيلول سبتمبر عام 2001م التي كانت من صناعتها ومن تخطيط أجهزتها الاستخبارية، واتخذت منها ذريعة لاستباحة سيادة دول العالمين العربي والإسلامي باسم (مكافحة الارهاب)..؟!
متخلية عن حلفاء الأمس في أفغانستان من الجماعات الإسلامية التي اسستهم ورعتهم وقدمت لهم كل أشكال الدعم وشجعت دول وانظمة العالمين العربي والإسلامي على دعمهم وتسهيل مهمتهم الجهادية في أفغانستان وهي من أطلقت عليهم مسمى (المقاتلين من أجل الحرية) ثم انقلبت عليهم بعد انقضاء مهمتهم واتخذت منهم أعداء بعد أن سقط عدوها الاستراتيجي الاتحاد السوفييتي، ثم راحت تطاردهم عبر قارات العالم، قبل أن تجد نفسها أمام تقدم ( الصين) المضطرد، ثم أمام إعادة ( روسيا الاتحادية) دورها ونمو وتطور قدراتها وعودة نفوذها الجيوسياسي فاستعادة أمريكا علاقتها بالجماعات الإسلامية التي هي مجرد (جماعات للإيجار) أعدائها دائما هم خصوم أمريكا والكيان الصهيوني، إذ لم نري من هذه الجماعات موقف من امريكا والكيان الصهيوني والدول الغربية بدليل موقف هذه الجماعات من حرب الإبادة التي تشنها أمريكا والكيان الصهيوني فيما الجماعات الإسلامية بكل مسمياتها لم تحرك ساكنا بل ذهبت للقيام بتفجيرات في اراضي جمهوريات روسيا الاتحادية والكثير من منتسبي هذه الجماعات نقلتهم أمريكا من أكثر من بلد الي أوكرانيا ليقاتلوا في صفوف الجيش الأوكراني كمرتزقة..؟!
لكن تبقى معركة ( طوفان الأقصى) إيقونة لتحول جيوسياسي تداعياته كفيله بأن تعصف بحسابات أمريكا واذنابها وهذا ما سوف تكشف عنه تداعيات الزمن القادم.
للموضوع صلة
27 يونيو 2024م
تعليقات
إرسال تعليق